الرحيل المر!
لن أستعرض ما حصل من أحداث وأجندة في العام 2021 الذي أوشك على الرحيل، ولم يتبقَ من أيامه ولياليه إلا القليل، فتلك مهمة يُتقنها غيري من الموثقين المولعين بالتدقيق والإحصاء والتأريخ لهكذا أحداث قد يبقى صداها راسخاً وعالقاً في الذاكرة، وقد تحفظه الأجيال عن ظهر قلب دونما الحاجة إلى تدوينه خشية من نسيانه!
أعلم يقيناً أن عامنا الذي يهم بالرحيل كان قاسياً على القلوب المرهفة المحبة للكرة الليبية، فقد أنهكها إحباطاً وتذمراً وخروجاً مريراً من كل التصفيات القارية والمونديالية، وعلى ثلاث واجهات دفعة واحدة وعلى رأي المثل “ضربتين في الراس يوجعو” فما بالك بثلاثة!
خماسية تونس الشهيرة في ملعب بنينا في افتتاحة الدولي لمباريات منتخبنا بعد حظر قاسٍ وظالم دام لسنوات، أفقدتنا الترشح نهائياً لكان الكاميرون، وأصبحنا في خبر كان، ومن السخرية بمكان فقد جاءت خسارتنا المُذلة بعد خمسة أيام فقط من إعادة انتخاب اتحاد الكرة الليبي برئاسة عبد الحكيم الشلماني، وفي محاولة لامتصاص حالة الاستياء والغضب العارم التي حلّت بالشارع الرياضي، تمت التضحية بالمدرب زوران فليبوفتش، وأقيل من منصبه ولم يمضِ وقت طويل حتى أوتي بالعجوز الإسباني خافيير كليمنتي، وتم التعاقد معه غصباً عن طموحات النقاد والمدربين والمحللين وكأنهم قاصرون وفي الكرة لا يفهمون!
فحلّت كارثة صقور الجديان الذين أبعدونا بركلة جزاء من الترشح لبطولة كأس العرب المقامة حالياً في قطر، فكانت ضربة موجعة هزّت كياننا وعكّرت طقس مزاجنا الكروي، ولم يندمل جرح الجديان إلا بثلاثية قاهرة ألحقنا بها الفراعنة بعد مُضي أربعة أشهر قضوا فيها على أي بصيص أمل لنا في المحافظة على حظوظنا للترشح للمرحلة الأخيرة من التصفيات المونديالية، لاسيما بعد الفوزين المتتاليين على الغابون وأنغولا. لكن ذلك لم يشفع لنا، وسرعان ما عدنا وواصلنا البكاء على الأطلال وعلى سوء الطالع والخذلان الذي لازمنا ولم يفارقنا ويتخلى عنا إلا بإقصائنا في كل مرة من كل الاستحقاقات، وعلى كافة المستويات، وكأنه قدرنا الذي لا مفر ولا مهرب منه ما دام من يُسيّر كرتنا بهذه العقلية وهذه السذاجة التي كبّلتنا بسلاسل التخلّف وضحالة التفكير وانعدام الرؤية والانتماء.