اراء

ختامها ليس مِسكًا

كلاريدا يفوز باللقب.. وظلم بيَّن لكمال القرقني

اختُتمت، الآن، الجولة النهائية لفئة الـ 212 بمستر أولمبيا للمحترفين 2022 بعد صراع شرس بين 28 لاعبًا وقفوا على مسرح واحد، يحلمون بنفس اللقب في هذه الفئة التي أُضيفت لأول مرة بمستر أولمبيا عام 2008، ووَجدت تشجيعًا ورواجًا كبيرًا بين عشاق اللعبة وأبطالها الذين يندرجون تحت وزن 96 كيلوجرامًا.

وعلى الرغم من أحقيته بالفوز، إلا أن “شون كلاريدا” مثال صارخ للنظرية الأمريكية التي بُنيت عليها رياضة كمال الأجسام، فبداية لعبة العضلات كانت من انجلترا، وانتشرت في بداياتها بين الإنجليز ودول أوروبا، لكن عندما دخل الأمريكيون عالم العضلات؛ قرروا التميز، فكانوا أول من ابتدعوا فكرة الكتلة العضلية الهائلة على حساب الشكل والمضمون، وهو ما نجده اليوم في الفارق الجوهري بين كمال القرقني وشون كلاريدا.

صحيح أنني كنت متيقنًا من احتلال “كمال القرقني” المركز الثاني وراء “كلاريدا” بحسب نداءات التحكيم السري، لكن أن يأتي ثالثًا وراء “أنجل كالديرون” بعيوبه الظاهرة في عضلات صدره وكتفه؛ فهو الأمر الذي يُثير للدهشة والعجب والاشمئزاز أيضًا.

شون كلاريدا الذي يصغر “القرقني” بـ 11 سنة كاملة، والذي بدأ مشوار الاحتراف منذ عام 2014، وخطت قدمه مسرح مستر أولمبيا لأول مرة عام 2016؛ حينما حل في المركز الثالث عشر، لكنه لم يتوقف عن المشاركة من يومها وظل يترقى عامًا بعد عام؛ فحل تاسعًا، ثم سابعًا، ثم ثالثًا، ثم في المركز الأول عام 2020، ثم ثانيًا العام الماضي، وها هو اليوم يعود إلى قمة الـ 212 من جديد للمرة الثانية في تاريخه الأولمبي، ولو أن هناك حسنة واحدة من الممكن أن تشفع لهذا البطل فستكون اجتهاده الشديد.

في المركز الثاني جاء ظلمًا الإسباني “أنجل كالديرون”، وهو بطل مخضرم بعضلات شرسة، لكن لديه أيضًا عيوب واضحة وضوح الشمس لا تجعله يفوز على كمال أبدًا.

وبعمر 51 عامًا لا يزال يُمتعنا البطل الليبي الكبير “كمال عبد السلام القرقني”، صاحب المسيرة الحافلة بقرابة 40 بطولة دولية وعالمية بين الهواة والمحترفين، وخمس سنوات متتالية على مسرح مستر أولمبيا للمحترفين، حيث حل ثالثًا في أول مشاركة له بها عام 2018، وفي العام التالي كان متربعًا على عرش الـ 212؛ كأسرع تقدم في سلم مشاركات مستر أولمبيا على الإطلاق، وفي العامين التاليين حل ثانيًا وثالثًا، واليوم جاء في المركز الثالث ظُلمًا،  بعضلات لا تشيخ أبدًا، بل هو الأجمل بين كل منافسيه، وسواءً فاز باللقب أو خسر فسيظل قطعة البونبون اللذيذة في زمن اختلت فيه معايير تحكيم كمال الأجسام، فالتاريخ يُكتَّب للفائزين بالألقاب، والفائزين أيضًا بمحبة الجماهير العريضة، ويكفيه أنه أول عربي على الإطلاق يفوز بلقب هذه الفئة رغم محاولات عربية كثيرة سبقته على هذا المسرح العتيق.

استحق البطل الكويتي “أحمد أشكناني”، المركز الرابع، فقد بدا اليوم متكتلاً بعضلات ناضجة وأكثر قوة عن الأعوام الثلاثة الماضية؛ على الرغم من أن بدايته كانت قوية للغاية، ففي أول مشاركة له في مستر أولمبيا للمحترفين عام 2017 جاء في المركز الثاني مباشرة وراء التنين الإنجليزي “فليكس لويس”، لكنه تراجع في العام التالي إلى المركز الرابع، ثم الخامس، ثم الخامس مرة أخرى، ثم سادسًا في العام الماضي، ثم رابعًا اليوم بعمر 37 سنة، وبإمكانيات فريقه الهائلة التي تراجعت هي الأخرى في السنوات الأخيرة، فهل لا يزال لديه ما يقدمه، يا تُرى؟.

وفي المركز الخامس جاء البطل الأوكراني “أوليه كريفي” على عكس التوقعات ونداءات التحكيم في جولة العرض السري، فهل جعله الكونديشن يتخطى “كيوني بيرسون” غير المُبالي بتلك الهبات الربانية التي يملكها.

فمن أكثر الأشياء التي من الممكن أن تُزعج أي ناقد رياضي أن يجد بطلاً لديه كل مقومات النجاح لكنه لا يبذل مجهودًا مناسبًا ليصل بنفسه إلى القمة، وهذا ما يتماشى حرفيًا مع البطل الأمريكي “كيوني بيرسون”، الذي يملك هيكلاً رائعًا لا يعرف قيمته، وخبرة 6 سنوات في عالم المحترفين؛ منها 3 مشاركات على مسرح مستر أولمبيا للمحترفين، وأنا أرى فيه مستقبل هذه الفئة إذا جاء في أفضل حالاته، وبجودة عضلية وكونديشن رائعين.

وسيظل مكانك في القلوب يا كمال.. وفي التاريخ أيضًا

زر الذهاب إلى الأعلى