اراء

..ذلك كان زمانهم..!

علي العزابي
علي العزابي

عادة حينما يتم تشكيل الحكومات والوزارات يؤدّى القسم القانوني التزاماً بأداء العمل على أكمل وجه ودون تقصير أو مماطلة، وحتى تسد كل الذرائع والمنافذ أمام أية محاولة للخروج عن الإطار السليم والاتجاه القويم للدور المطلوب لتلك الوزارات والحكومات، ولكي تسير وفق ما خطط له وأتبع ضماناً للنجاح والمصداقية..!

هذا في السياسة وما يدور في دواليبها وكواليسها وما نشاهده ونعلمه.!

لكن ما لا نعلمه ولا نذكره ولا نطبقه في ملاعبنا هو أداء مثل هذا القسم في منافساتنا ودورياتنا ومبارياتنا، رغم أن العمل بهذا القسم قد تحقق في افتتاح الدوري الليبي لكرة القدم في موسمه الرياضي 1966/1965، خلال الحفل الذي أقيم بالملعب البلدي بطرابلس في حضور حشد من الجمهور الرياضي وعدد من الشخصيات الإدارية والقيادية المرموقة في ذلك الوقت.

الحاضرون رددوا القسم التالي: “أقسم بالله العظيم أن أحافظ على قدسية الرياضة وجلالها وأن ألعب بروح رياضية صادقة، محترماً أنظمة الاتحاد الليبي لكرة القدم وأن أُمثّل فريقِي أحسن تمثيل والله على ما أقول شهيد…”

تمعنوا جيداً في كلمات هذا القسم إنها مليئة بالعبارات المختارة بعناية فائقة ومُعبّرة عن روح الانتماء والاعتزاز بدور الرياضة الرائد، مثلما ورد في القسم “المحافظة على قدسية الرياضة وجلالها”.. وأن”ألعب بروح رياضية صادقة”، “وأن أُمثّل فريقي أحسن تمثيل”.

هكذا كان أسلافنا وهكذا كانت نظرتهم إلى الرياضة، مليئة ومعززة بالقيم الإنسانية والتنافسية الأخلاقية تشربوها وعملوا بها جيلاً بعد جيل سلوكاً ومنهاجاً في كل منافساتهم الكروية أيّاً كانت وتعينت قانوناً ونبراساً يهتدون به ويضعونه ميثاقاً يطبقونه واقعاً عملياً، يلتزمونه به داخل وخارج الملاعب، حتى إن الخروج بالبطاقة الحمراء في ذلك الوقت كان عيباً وعاراً وشناراً لمن تطاله تلك البطاقة، فما بالك لو تجاوز سلوكه عقوبة الحمراء فماذا عساه أن يكون!!

منافسات وإن بلغت قوتها وإثارتها عنان السماء فلا تلبث مغادرة مستطيلها الأخضر، وتظل حبيسته طيلة التسعين دقيقة بكل ما فيها، وبإعلان صافرة النهاية يتصافح اللاعبون ويتعانقون في مناخ تسوده الروح الرياضية، وتظلله معاني الود والصفاء والاعتزاز بقيم الرياضة السمحة..

ذلك كان زمنهم الجميل الذي أورث لنا أجيالاً ونجوماً، سنظل نذكرها ونعتز بها وبعروضها وبسلوكياتها الجميلة.!

زر الذهاب إلى الأعلى