علاقة الأندية الرياضية واعتزال ديمس الكبير
عندما كانت الرياضة تُرفرف عليها رايات الود والمحبة بين الأندية الرياضية وعلاقات اللاعبين أيضاً جيدة والمنافسات ممتعة ومثيرة، تنتهي مع زمن اللعب وبعدها تستمر العلاقات الإنسانية الطيبة، ففي تلك الفترة لم تعرف الأندية الاحتراف والمادة التي سيطرت على كل شيء في وقتنا الحاضر، لقد كان إخلاص اللاعب لغلالة فريقه والفريق الوطني وثيق جداً ودون مقابل، وكان الارتباط بين أبناء النادي مبني على القيم الروحية وعلى حب الرياضة ومنافساتها بروح رياضية تقبل فيها كافة النتائج الإيجابية والسلبية، لأن الرياضة روعتها في الإثارة والتشويق وتغير نتائج مبارياتها.
لقد كان اللاعب والمدرب والإداري والمشجع يُشكّلون روح الأُسرة داخل مجتمعهم الصغير، وتجد بينهم الألفة والمودة والتواصل في شتى المناسبات الاجتماعية، وكذلك علاقتهم بالأندية الأخرى جيدة من خلال الزيارات المتبادلة والمباريات الودية داخل المدينة الواحدة ومع أندية المدن الأخرى، وكان الجميع يشارك في المناسبات متى وُجهت له الدعوة، وأذكر يوم اعتزال اللاعب الكبير المرحوم محمد الرقيق (ديمس الكبير) لاعب فريق الهلال والفريق الوطني، حيث أقيمت له مباراة الاعتزال مع فريق الأهلي بنغازي يوم 1971/4/25 وانتهت بتعادل الفريقين بـ3 أهداف لكل منهما.
وقد شارك في تلك المباراة كلٌ من المرحوم المدرب الإبراهيمي السعيد اللاعب الجزائري الذي لعب محترفاً في فرنسا، وعمل مدرباً لفريقَي الهلال ودارنس ومنتخب بنغازي، وكذلك اللاعب الدولي المرحوم أحمد الأحول لاعب فريق الاتحاد والفريق الوطني ورئيس فريق النصر عبدالله الضراط وعضو اتحاد عام الكرة أطال الله في عمره، والمرحوم ميلود عريبي الذي لعب لفريقي المدينة والهلال وترأس الاتحاد العام لكرة القدم، والمرحوم الحارس العملاق إبراهيم المصري الذي لعب للأهلي بنغازي والنجمة والهلال والاتحاد والسواحل، وصاحب الساعة الذهبية في الدورة العربية الثالثة بالمغرب، والمرحوم عاشور الزروق المدرب الكبير ولاعب فريق دارنس والفريق الوطني، والمرحوم علي مرسال لاعب فريق النجمة ورئيس فريق التحدي ولاعب الفريق الوطني، وأدار المباراة المرحوم الحكم سالم البرغثي الذي كان أول رئيس لفريق الأهلي بنغازي.. إنها مجرد ذكريات لعلها تساهم في عودة التعاون بين الأندية الرياضية وتجسد القيم النبيلة من خلال المنافسات الرياضية الشريفة، ورحم الله أخونا الرياضي الخلوق محمد فرج الرقيق (ديمس الكبير) الذي لعب للهلال في قمة مجد الفريق وللفريق الوطني، وعمل مدرباً وعضواً بمجلس إدارة نادي الهلال وعضو اتحاد الكرة الفرعي ومدير إدارة الشباب للمنطقة الشرقية سنوات عديدة، وكان مثالاً للإبداع في الملاعب والتمسك بالروح الرياضية والأخلاق العالية.
أخيراً قد يعتقد البعض أنني ضد الاحتراف الذي هو أساس نجاح أي لعبة رياضية، لكن بشرط أن يكون مُنظّماً وتُحفظ فيه حقوق اللاعب والأندية الرياضية، وليس كما يُطبّق في بلادنا الآن.