من الفارغ؟!
منذ أن دخلتُ عالم الصحافة الرياضية وكان ذلك قبل خمسين عاماً وكنتُ قبلاً محباً ومولعاً متابعاً لكرة القدم ثم عاصرتُ أبرز أجيالها وتجولت في ملاعب العالم مع الفرق والمنتخبات، وحظيتُ بحضور أبرز البطولات العالمية والأولمبية والقارية، لم أسمع قط عن مشجعين يصفون مدرباً ما بأنه (فارغ)، إلا في بلادنا وعندنا لمجرد أنه تراجعت نتائج أي فريق بغض النظر عن اسم المدرب، مع أننا دولة متخلفة كُروياً لا نملك من مقاومات اللعبة إلا المواهب كبقية دول العالم الأخرى على اعتبار أن الموهبين في كل مكان بل هم أحيانا ظهروا في دول متخلفة أكثر مما هو في دول متحضرة!، وما دامت نظرتنا لكرة متخلفة ومبنية عن تعصب، ومنتخباتنا وفرقنا بلا نتائج تُذكر لا قارياً ولا حتى عربياً قبل أن نتحدث عن العالمية، فأي مدرب يرونه غير قادرٍ على انتشالنا في مثل هذه الظروف فإنه (فارغ).
لقد أُقيل مورينيو من تدريب تشلسي عندما تدنت النتائج، وهو الذي قاد الفريق للفوز بكأس أوروبا وأقيل من ريال مدريد وحقق ما حققه معه من بطولات، وقبل ذلك كان مدرباً مغموراً قاد بورتو للفوز بدوري الأبطال وأتى إلى يونايتد من الباب الواسع وخروجه من أضيق النوافذ، ثم استُقبل في روما استقبال الأبطال بعد إقالته من توتنهام ولم يتجرأ أحد ليقول إنه (فارغ)، يا سادة يا كرام لقد أقيل كل مدرب لم يحقق النتائج المتقدمة والبطولات بغض النظر عن اسمه وإنجازاته، إذ ليس من الممكن تغيير اللاعبين لكن المدربين ينتقلون بين النوادي والمنتخابات!، لذلك شملت لإقالة كارلوس البرتو الذي أعاد كأس العالم للبرازيل بعد 24 عاماً! ودونقا ودلبوسكي وبينتيت ورانييري وكونتي واليقري وزيدان وحسن شحاته، الذي حقق ثلاث بطولات أفريقية متتالية أقيل من المقاولين، ومن الزمالك ومن الدفاع الحديدي المغربي، وأقيل لوف وهو الذي فاز بكأس العالم عام 2014، لكن لا أحد قال عن أيّ من هؤلاء المدربين بأنه (فارغ)، ولن يتدخل الجمهور العالمي فهي شؤون المدربين، وكل ما يمكن أن يقوله الجمهور هو التعبير عن غضبه أو عدم رضاه، ولو كان الأمر كذلك لما بقي فينقر مع الأرسنال عشرات السنين! الجمهور الواعي لا يختص بالمدربين والجمهور الفارغ هو الذي يتدخل فيما لا يعنيه، أما لماذا فالأنه فارغ! وهذا لا يحدث إلا عند الليبيين!!