اراء

نحن والأولمبياد (2)

عامر جمعة
عامر جمعة

اختُتم منذ أيام ليست بعيدة الأولمبياد في طوكيو، وفاز مَن فاز مِن الذين تواجدوا هناك من أجل الفوز، لكن القلائد توزعت هذه المرة بين أكبر عدد من الدول، ما يعني أن انقلاباً رياضياً قد حدث، وقد يتواصل في باريس بعد ثلاث سنوات!!

أمريكا التي تعوّدت أن تُسيطر سيطرة مُطلقة بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، أذعنت هذه المرة لإرادة دول كبيرة وأخرى صغيرة باتت كالشوك في الحَلق، وإذا كانت في عدة دورات سابقة تقدمت على أقرب منافسيها بعدد كبير من القلائد الذهبية، ففي هذه المرة لم تتقدم إلا بقلادة واحدة، فقد تغولت الصين وهي تُظهر في كل دورة أداءً مذهلاً في كل الألعاب، لو استثنينا الألعاب الجماعية، ولم تعد أستراليا خصماً هيناً بفضل سبّاحيها وسبّاحاتها على وجه الخصوص، في حين مازالت بريطانيا العظمى تحافظ ولو بقدر على عظمتها في ظل تفوق صيني ياباني.

وعلى الرغم من أن روسيا تعرّضت لضغوط المنشطات، ولمواقف قد تكون مرتبطة بالسياسة، إلا أن الرياضيين الروس دافعوا عن هيبة بلادهم تحت العلم الأولمبي.

وما يُثير التساؤل والإعجاب هو ظهور منافسين جدد على نحو لم يكن متوقعاً من دول صغيرة، انتزعت قلائد كانت محتكرة على أمريكا في ألعاب القوى، وخاصة في سباقات السرعة وعدد من سباقات الميدان، وكان ذلك من قبل جامايكا والباهاما وكندا وفيجي واليونان على خطى كينيا وأثيوبيا وأوغندا، كما كان لتونس والمغرب وقطر ومصر مكاناً حيث يقف الحائزون على الذهب.

بالنسبة لبلادنا كأن الأولمبياد لا يعنينا في شيء، وليس لنا قدرة للتأهل والوصول إليه في جل الرياضات، ولنترك مشاركاتنا للدورات المفتوحة لأنها تعطي مجالا (للفسحة).

هناك من استغل الأولمبياد في تصفية حسابات مع اللجنة الأولمبية ليست في صالح الرياضة، فحتى الذين يحاربون بكل الطرق لإسقاطها ويتهمونها بما اتهموها به، هم من أجل أن يكونوا البديل ليس لغرض إصلاح الرياضة، فهم أول من يعرف أن ذلك لن يتحقق إلا بزلزال يشمل كل أركان الدولة في الرياضة، وفي أهم من الرياضة هم فقط يتصارعون من أجل المناصب وأخذ فرصة للترحال، فالوجوه هي نفسها والعقليات كذلك، أما المؤهلات فهي على الورق فقط، وتم الحصول عليها في زمن يسهل فيه الحصول على كل شيء.

الأولمبياد منافسة راقية جدا وحتى العرب الذين سبقونا في كل شيء، وأعطوا للرياضة أسبقية وأهمية يظل كل طموحهم في بعض الأحيان الظفر بقلادة أو اثنتين في بعض الرياضات، من رياضيين وهبهم الله مقومات وتوفرت لهم استعدادات خارج الوطن، فلا مجال للمزايدات واستغلال الأولمبياد لتصفية الحسابات!!

زر الذهاب إلى الأعلى