اراء

“وداعاً النجم الكبير ديمس الصغير”

خليفة بن صريتي‎‎في موكب مهيب ودّعت مدينة بنغازي ابنها ديمس الصغير أحد رموزها في كرة القدم، الإنسان الخلوق الشهم الذي لعب الكرة وأخلص لها من خلال غلالة فريق الهلال والفريق الوطني، وكان قمة في التنافس الشريف والروح الرياضية العالية، كان صديق الجميع ومحلّ ترحاب من كافة ابناء الأندية الأخرى، لأنه عرف كيف يُجسّد المعنى الحقيقي للرياضة وكيف تكون منافسة الآخرين، لقد عانى من المرض سنوات طويلة وصبر على ذلك ولم يشتكي لأحد إلا لله، لم يكره أو يحقد على أحد وعندما تقابله تسبقه ابتسامته إليك، أُحب الحياة والأمل والبساطة في كل شيء، متواضع ومحب للأناقة والدعابة المرحة، خجول وقليل الكلام، من مواليد مدينة بنغازي سنة 1945، عرف الكرة من خلال فريق مدرسة الأمير، حيث قدّمه المرحوم الحاج خالد الغناي بصحبة بوعود وبن صويد وناجي واهليل ومخزوم وفرج السنوسي واشقيفه وغيرهم، وفي نفس الوقت انضم لأشبال الهلال ثم لعب لفريق الدرجة الثانية، وكان معجباً إلى حدٍ كبير بفنان الكرة الليبية الدولي علي الشعالية، وفي سنة 1962 أتيحت له فرصة المشاركة مع الفريق الأول في مباراة فريقه الودية مع فريق فاليتا المالطي، التي تألق فيها وكان نجم المباراة، ومنذ ذلك اليوم أصبح أحد اللاعبين الأساسيين لفريق الهلال الذي كان يضم العديد من نجوم الكرة، وفي عصره الذهبي وأحد فرق البطولة وديربي مدينة بنغازي مع الأهلي، مهاجم خطير وهداف من الطراز الأول وترأس فريق الهلال عدة سنوات، ولعب له أكثر من 200 مباراة في 15 سنة، وسجل من الأهداف حوالي 103 أهداف، وسجل للفريق الوطني 26 هدفاً في عدد 54 مباراة، وقد كان يعتز بالهدف الذي سجله في مرمى الفريق الإثيوبي خلال تصفيات كأس العالم في 26/1/1969 بمدينة بنغازي، في ملعب 24 ديسمبر، وهو أول هدف ليبي في تصفيات كأس العالم، ينحدر من أسرة رياضية فوالده المرحوم الحاج فرج الرقيق كان من أشهر لاعبي الكرة في فترة الاحتلال الإيطالي، وكذلك مع شقيقه المرحوم ديمس الكبير كانا يُشكلان أهم عناصر فريق الهلال، ولقد أعطى للغلالة الزرقاء سنوات طويلة من الجهد والعرق دون أن يطالب بشيء، أو أن يمارس ضغوطات على ناديه، ولهذا لمازالت جماهير الهلال تعتبره نموذجاً للرياضي المثالي المتفاني الذي أحب ناديه، وديمس رغم شهرته فهو خجول ويتهرب من الإعلام الرياضي حتى أيام نجوميته، وعندما شعر أنه لم يعُد قادراً على العطاء بالشكل المناسب انسحب من اللعب بهدوء، ولم يطالب بمباراة اعتزال أو بتكليفه لتدريب الناشئين أو أي مهمة إدارية مع الفريق وكان يقول: لعبتُ الكرة من أجل الكرة التي أحببتها وللنادي الذي ارتبطت به وجدانياً وأُسرياً، وطيلة حياتي الرياضية لم أتعرّض لأي عقوبة لاحترامي لنفسي ولمنافسي ولقرارات التحكيم، وعلاقاتي طيبة مع كافة الأندية. عرفته عن قرب ولعب معنا في رحلة الأهلي إلى المغرب وكان نجم تلك الدورة، وكذلك كان نجم بطولة كأس العرب في العراق سنة 1966، وحصل مرتين على لقب أفضل لاعب في الدوري، رحم الله الأخ والصديق العزيز والرياضي المثالي، والتعزية لزوجته الوفية التي لم تتخلَ عنه طيلة سنوات مرضه، وإلى ابنائه ومؤسسة الهلال والمجتمع الرياضي ومحبي النجم الأسمر الخلوق، الذي ودّع الدنيا دون أن يؤذي أحداً قولاً أو فعلاً، وتاركاً الصيت الطيب لأسرته ولأصدقائه فإلى جنات الخلد يا محبوب الجميع.

زر الذهاب إلى الأعلى