اراء

“الأندية الرياضية بين الأمس واليوم”

خليفة بن صريتي‎‎الأندية الرياضية في بلادنا كانت منارة ونموذج تربوي يحتذى به لبناء الإنسان بداخلها والكل يعي دوره وحقوقه وواجباته من خلال قوانينها الداخلية والجميع يهدف لترسيخ القيم الرياضية النبيلة داخل مؤسسته ويفخر بذلك.

صحيح أن الكل يودّ الفوز بالمباريات ويسعى لتحقيق البطولات لكن بالجهد والعرق وليس ببعض الصافرات المشبوهة.. أندية يُبنى من خلالها الإنسان ليصبح مواطنًا صالحًا في مجتمعه وكانت تعبر عن شعاراتها، فعلاً أندية رياضية ثقافية اجتماعية ولها نشاطاتها في المجالات الثلاثة رغم شح الموارد المالية وإمكانيات الدولة المحدودة ,وكانت المنافسات في شتى الألعاب أعراس رياضية والتشجيع عند مستوى راقٍ ويجسّد المعنوي التربوي للرياضة، واللقاءات تبدأ بالورود والمصافحة والتقاط الصور التذكارية وتنتهي بالتصافح أيضًا، والديربيات في كل مدينة ممتعة ومشوقة ومنافساتها تصاحبها الأغاني والأراجيز ولا تسمع في مدرجاتها الألفاظ النابية، الكل أخوة وأبناء للأسرة الرياضية والعلاقات أكثر من جيدة بين لاعبي الأندية وجماهيرها في مختلف المناطق ولهذا تكونت علاقات متينة وصلت في بعض الأحيان إلى حد التصاهر بين أبناء النادي الواحد.

في العقود الأخيرة، وبطريقة ممنهجة؛ تم تفريغ هذه الأندية من محتواها الفكري والتربوي بحيث هجرتها أغلب العقول الواعية خوفًا على سلامتها، وتحولت إلى ما يشبه ميادين صراع الديكة وتحولت المباريات بين أبناء المدينة الواحدة إلى أحقاد وضغائن إلى درجة أن الخاسر في الديربي لا يستطيع أن يعود إلى ناديه مع مدربه ,إلي جانب ما تسمعه في المدرجات من ألفاظ يستحي منها حتى الشيطان، وللأسف فقد دعمت الدولة في تلك الفترة ذلك الاتجاه تحت شعار “فرق تسد”، ولهذا شهدت الملاعب أحداث مؤسفة لم نكن نعرفها بهذا الشكل من قبل، ثم جاءت ثقافة المادة في الأندية تحت شعار الاستثمار والاحتراف بشكل غير منظم مما زاد الطين بله، وتحولت الصراعات حتى داخل النادي الواحد على مداخيل المشروعات المادية وإعانات الدولة إن وجدت، وشهدت معظم الأندية الكبيرة والصغيرة الانقسامات داخلها في مختلف مناطق البلاد لعدم وجود وزارة للرياضة فاعلة تشرف وتتابع وتنظم الأمور، فهناك أندية يتولى رئاستها رؤساء منذ حوالي 20 عامًا وأندية ليس لها اجتماعات ومحاضر جلسات والبعض ليس لديها جمعيات عمومية أصلاً وأخرى لا توجد لديها تقارير مالية سنوية عن حجم المصروفات.

فوضى وصراعات أثرت سلبيًا على المستوى الفني للألعاب الرياضية وغاب عن الأندية القدوة الحسنة في الإدارات وبين المشجعين، ولهذا ابتعدت الأندية عن أداء دورها الطبيعي في المجتمع.

وعليه؛ نأمل أن تقوم وزارة الرياضة بدورها وذلك بتطبيق قانون إعادة تنظيم الأندية حتى تعود الصورة المشرقة للأندية الرياضية وإلى دورها التربوي الحقيقي، كما كانت عند بداياتها منذ تأسيسها على مبادئ الرياضة الصحيحة من قبل الآباء المؤسسين رحمهم الله، الذين استفدنا من تجربتهم التربوية الكثير، وكانوا المثل الأعلى في خدمة الرياضة في مختلف ربوع الوطن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى