اراء

“البطولة الأفريقية بين النجاح والإخفاق”

خليفة بن صريتي‎‎تتواصل بنجاح مباريات البطولة الأفريقية في نسختها الـ33 المقامة حالياً في الكاميرون، رغم الصعوبات التي تواجهها من حيث انتشار لوباء الكورونا وظروف الطقس الصعبة المتمثلة في ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة، إلى جانب التهديدات الأمنية، لكن رغم كل ذلك بذل هدّاف البطولة التاريخي ورئيس اتحاد الكرة الكاميروني الحالي صامويل إيتو وحكومة بلاده جهوداً غير عادية لمعالجة السلبيات والسعي بالدورة نحو تحقيق أهدافها، خاصة أنهم قد أصروا على إقامتها وعدم تأجيلها، وقد دعمهم الاتحاد الأفريقي بزيادة القيمة المالية للبطولة، وإضافة خمس بطاقات أخرى ليكون العدد 28 لاعباً بدلاً من 23، وذلك لتعويض النقص الذي قد يحدث في الفرق المشاركة نتيجة للإصابة بالكورونا.. وقد اختلفت الآراء حول الدورة، فالبعض يؤيد المسيرة والبعض الآخر ينتقدها وشخصياً أرى أن إقامة البطولة في دولة أفريقية تقدُّم كبير؛ نظراً للمشاكل السياسية والاقتصادية والأمنية التي تعانيها أغلب الدول الأفريقية، وليست مثل إقامتها في دولة أوروبية، كما أنها جاءت بعد بطولة العرب التي أقيمت في قطر وشهدت كافة الكماليات وأيضاً ليس من السهل – عدا خمس دول أفريقية معروفة استضافت بطولة يشارك في نهائياتها 24 منتخباً يضم كل منها حوالي 50 عضواً، إلى جانب اللجان المشرفة ولجان التحكيم ورجال الإعلام، إنها بلا شك مهمة صعبة وقد نجحت الدولة المنظمة إلى حد كبير في السير بالبطولة نحو تحقيق أهدافها بالرغم من قلة عدد الجماهير التي لم يسمح بالدخول إلا لمن يحمل بطاقة التطعيم وهذا لصالح البطولة وسلامة الناس.. المستوى الفني الكبير هو ما تجاوز السلبيات الأخرى، حيث إن المستوى المتقارب من حيث الإعداد البدني والخططي ووجود المحترفين جعل المباريات تتسم بالندية والتكافؤ، ولم يعد أحد لقمة سائغة في البطولة، وأكد ذلك المفاجآت في المباريات حيث فازت غينيا الإستوائية على الجزائر بطلة البطولة الماضية وفوز منتخب الرأس الأخضر الذي يشارك لأول مرة على غانا صاحبة البطولة أربع مرات، وأعتقد أن هناك مفاجآت أخرى ستحدث في المراحل المقبلة ولن يكون هناك تكهن لأي فريق للفوز بالبطولة حتى المباراة النهائية.. البطولة تاريخياً بدأت سنة 1957 بالسودان بثلاث دول مؤسسة مصر والسودان وإثيوبيا، وقد مرت بأحداث مثيرة من أهمها: بطولة 1974 وهي المرة الوحيدة التي أقيمت فيها النهائيات مرتين قبل تنفيذ اللجوء للركلات الترجيحية، حيث انتهت النهائيات الأولى بين زائير وزامبيا بالتعادل 2-2، وأعيدت المباراة بعد يومين على ملعب القاهرة ليُسجل نفس اللاعب مولامبا هدفي زائير أيضاً في المرة الثانية لتكون النتيجة 2-0، وكذلك تم رفض جنوب أفريقيا من المشاركة في البطولة، لأنها كانت تمارس التمييز العنصري وبعد عامين من إلغاء التمييز العنصري نظمت جنوب أفريقيا البطولة سنة 1996وحصلت على بطولتها، وقام الزعيم العالمي نيلسون مانديلا بتسليم كأس البطولة لرئيس الفريق الجنوب الأفريقي.. حالياً البطولة اتخذت وضعها الطبيعي بعد أن عرفت المنتخبات قوة بعضها وتساوت الإمكانيات والفرص، مما جعل المباريات أكثر جدية وإثارة وتشويقاً، وإذا ما استمر تحسن الوضع التحكيمي مع حكام تقنية الـVAR فإن البطولة ستعود لسابق مجدها كإحدى البطولات الكبرى المليئة بالمواهب والنجوم، وسيكون ذلك انتصاراً لإيتو وحكومة الكاميرون، التي سخّرت كافة إمكانياتها المادية لنجاح البطولة، والذي يعد نجاحاً لدول العالم الثالث، وسيكون الطريق ممهداً لإيتو لرئاسة الاتحاد الأفريقي في الانتخابات المقبلة.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى