الدوريات الرمضانية حكاية قديمة تتجدد في كل موسم وتتصدر أيام الشهر الكريم
زين العابدين بركان
ارتبط شهر رمضان المبارك في ليبيا بالنشاط الرياضي والمسابقات الكروية – ولا يكاد يخلو شارع أو حي من إقامة هذا النشاط، فأصبحت دوريات كرة القدم الرمضانية علامة بارزة خلال الشهر الكريم – وحكاية قديمة أصبحت تتجدد في كل موسم.
ويُعد دوري الضريح في قلب ووسط مدينة بنغازي من أقدم وأعرق الدوريات الرمضانية لكرة القدم على مستوى الملاعب الصغيرة – فبعد أن كانت الدوريات تقام على الملاعب الكبيرة ظهرت مع أواخر السبعينات فكرة إقامة دوري بالملاعب الصغيرة.
فعقب توقف النشاط لم يجد اللاعبون إلا هذه الدوريات ليمارسوا فيها هوايتهم ووضع حد لحالة الركود، ولم يجد جمهور الكرة متنفساً للترويح عن النفس وشغل أوقات الفراغ – إلا بتنظيم دوريات رمضانية في عدة أحياء من مدينة بنغازي التي كانت المتنفس الوحيد للجمهور الرياضي.
الحكاية من البداية
كانت بداية الحكاية من ملعب الضريح بمدينة بنغازي وتزامن إقامة هذا الدوري مع توقف النشاط الكروي الرسمي أواخر السبعينات – فكان دوري النجوم والشهرة والأضواء وملتقى لكل أحباء الرياضة وقبلة لكل المهتمين، وهو الذي ملأ الفراغ الكروي الذي ساد المشهد وعوّضهم غياب المسابقات الكروية الرسمية، وشهد هذا الدوري في موسم ظهوره الأول – مشاركة كبيرة من أبرز نجوم جيل الأمس من مختلف الأندية
انتشار ظاهرة الملاعب الصغيرة.
انتشرت بعد ذلك كرة القدم بالملاعب الصغيرة في باقي مناطق وأحياء مدينة بنغازي ومرت عبر بوابة هذه الملاعب أجيال وراء أجيال، ساهمت في صنع الحدث وأصبحت اللعبة الشعبية الأولى التي تتصدر أيام الشهر الكريم، فلا تكاد تخلو منطقة أو ساحة من إقامة دوري رمضاني، واشتد التنافس وبلغ ذروته في استقطاب النجوم للمشاركة والتميز على مستوى التنظيم وتقديم وتحفيز وتشجيع النجوم ودعوتهم للمشاركة وتقديم الإضافة.
كانت منطقة البركة الشهيرة العريقة محطة أخرى مهمة من محطات إقامة الدوريات الرمضانية على مستوى الملاعب الصغيرة، حيث أقيم أول دوري رمضاني بساحة البركة في شهر رمضان في منتصف الثمانينات وشهد مشاركة لأبرز نجوم مختلف الأندية.
كما كان لمنطقة سيدي حسين العريقة حضوراً مبكراً وبارزاً في الدوريات الرمضانية أواخر السبعينات، ولكن على أرضية أحد ملاعبها الترابية.
مبادرات بحماس الشباب.
وما ميز هذه المبادرات أنها كانت تتم بالجهود والمجهودات الفردية وبحماس الشباب. وفي هذه الدوريات الرمضانية التي مازال أبناء بنغازي يستعيدون ذكرياتها الجميلة، ويحرصون على إحياء نشاطها الذي كان قد اشتهر أيضاً ببروز مواهب عديدة من مشرفين ومنظمين ومهتمين بهذه الدوريات الأهلية.
ودارت الأيام ومرت السنوات وأصبح دوري الملاعب الصغيرة خلال الشهر الكريم يحظى ويستقطب قاعدة شعبية كبيرة، تتمتع بمشاهدة مهارات اللاعبين، وأصبح الجميع ينتظرون ويترقبون بشوق حلول الشهر الكريم من كل عام لمشاهدة نجوم الملاعب الصغيرة التي توسعت دائرة إقامتها بعد أن صار لها نجومها ومنظموها وروادها وجماهيرها، واستمرت الحكاية من جيل إلى جيل لتتواصل حتى يومنا هذا.
مسابقات رمضانية بحلة جديدة
غير أن ملاعب الكرة الصغيرة تطورت وارتدت حلة جديدة وانتشرت في مختلف المدن الليبية، وبرزت أجيال أخرى نالت شهرة واسعة وازداد التنافس المثير بين الأحياء على التميز في إقامة الدوريات الرمضانية.
ودفعت هذه النجاحات لمزيد من الاهتمام بقاعدة اللعبة ونشرها وتنظيم منافساتها الرسمية، حيث أقيمت لأول مرة مسابقات محلية تجمع مختلف الأندية ومنتخباتها.
أجواء رياضية بامتياز
وتعيش مدينة بنغازي أجواء كروية رمضانية بامتياز، حيث تزخر مختلف الملاعب بإقامة المباريات الرمضانية وإحياء هذه المظاهر والأمسيات الكروية في صورة ومشهد يكاد يكون واحداً في كل ربوع المدينة، ما يعكس تعلقهم وعشقهم للعبة الشعبية الأولى متابعة وممارسة.