طموح وواقع
نسخ انقضت وأخرى ستنقضي من بطولة أمم أفريقيا، وفي كلّ نسخة نشاهدها على التلفاز نبكي على الأطلال ونندب حظّنا ونرمي الحجارة على بيت اتحاد الكرة الخرساني كونه في العادة يسخّر ضعف جهده في البقاء ربًّا لهذا البيت وثمن جهدٍ في تطوير كرتنا وصنع هيبة لمنتخباتنا الوطنية؛ فقط العمل يكون وفق الحدث وأي عمل!!.
ذاك الواقع الذي ذُكر كفيل بأن يقتل طموحات وليس طموح واحد فرغم مشروعية تواجدنا في الكان بعد أن أصبح بـ24 منتخبًا؛ إلّا أنه يبقى طموحًا وحلمًا لو تصفّحنا وريقات تاريخنا الناصعة البياض، ولك أن تتخيّل أنّ حضورنا من 38 نسخة كان في ثلاث نسخ: فالأولى بحكم الاستضافة والثانية بدعوة من الجارة مصر، وتبقى الثالثة جديرة بالذكر نسبة لما قدّمه الفرسان آنذاك في التصفيات المزدوجة، أمّا بقية التصفيات فهي عبارة عن استحقاق ومشاركة مفروضة على المنتخب الوطني أن يخوضها إلى أن استفرغ شغف الشارع الرياضي، وبات خروجنا من التصفيات وانعدام حضورنا في الأعراس الأفريقية شيء عادي واعتياديّ من مسؤولي الكرة في بلادنا، بل بات شكل منتخبنا انهزامي وإن حقق شيئًا فلن يكون إلّا بمحض الصدفة ولن يراه الجيران إلّا مفاجأة، واقع الحال الذي يدور في دائرة مغلقة أحكم إقفالها كلّ من ترأس كرتنا المحلية بفكر الكروي المحدود والتي كان آخرها تعيين الفرنسي كورنتان مارتينز مدرّبًا لمنتخبنا الوطني استنادًا إلى نهوضه بمنتخب موريتانيا والوصول به إلى كان الكاميرون 2019، وهذا التعاقد كمثل الحمار الذي يحمل أسفارًا، فعندما يكون التعاقد مع مدرب يعتمد على البناء لمدة موسم واحد وحينما تتّبع التجربة الموريتانية دون تخطيط ولا علم ولا صبر؛ حتمًا لن تنتفع بالعلم المحدود الذي وضعته على ظهرك.
محدودية الفكر الكروي لمسؤولينا جعلتنا نخشى خروجنا الاعتيادي من التصفيات قبل انطلاقها فرغم الواقع المؤلم حتى مع دوران عجلة الكرة المحلية وتوهج فرقنا على الصعيد القاري؛ إلا أن طموحنا تحفّه المخاطر وإن كانت المجموعة على الورق سهلة، فتواجدنا بجانب تونس وبوتسوانا وغينيا الاستوائية فرصة تكرّرت في تصفيات عدة فكررّنا الطموح في التأهل فاصطدمت توقعاتنا بالواقع نفسه والجدار الخرساني ذاته، ولازلنا نطمح رغم علم الجاهل بعدم جنيه تفّاحًا من نبتةِ بصل.