أعرف كما يعرف غيري من المسؤولين والمختصين والمتابعين وحتى المشجعين العاديين أن تقييم المدربين في العالم لا يتم من خلال الشهادات التي يحملونها بقدر ما يكون ذلك بالنتائج التي يحققونها، وكم من مدرب مرموق لديه أعلى الشهادات وتعرض للإقالة لأنه فشل في تحقيق النتائج مع الفرق والمنتخبات الكبيرة التي تعج بأبرز النجوم المحترفين، وكم من مدرب مغمور حقق ما فشل فيه غيره من الكبار المشاهير.
وعندما فاز بورتو بدوري الأبطال وانتزعه من عمالقة أوروبا كان يدربه مورينيو وكان مغمورًا بل بدأ مساعدًا مترجمًا لفان غال لكن ما حققه البرتغالي فيما بعد لم يحققه أستاذه الهولندي الذي ظل عرضة للإقالة مرات ومرات، ونال رانييري لقب أفضل مدرب في العالم لأنه قاد فريقًا مغمورًا للفوز بأقوى دوري في العالم ثم بعد ذلك تعرض للإقالات وأصبح من الذين يكرمهم الاتحاد الدولي للمشاركة في إجراء قرعة البطولات.
وحقق زيدان ما حققه من بطولات كثيرة في سنوات قصيرة ولم يكن يملك الشهادة التي يتحدث عنها مدربونا الوطنيون الذين لم يحصلوا على فرص للتدريب فاختاروا أن يكونوا محللين في القنوات لأن الكلام أسهل بكثير من قيادة الفرق في الملاعب.
لذلك لا أرى مبررًا للتحامل على المدرب الجديد للمنتخب (السيد بطاو) لأن اختياره يظل تجربة وهي قصيرة بعد مراحل من الفشل مع من سبقه على اختلاف مؤهلاتهم وإنجازاتهم وجنسياتهم ومن الإجحاف الحكم عليه مبكرًا والتقليل من قدراته قبل أن نرى ما يمكن أن يقدمه.
ووفقًا لما نشاهده ونسمعه عبر الفضائيات فإن خسارة المنتخب لمبارتيْ تونس أو الفشل في التأهل سيتحمل وزره المدرب مع أن الجميع يعلم أن الفشل ظل ملازمًا لفرقنا ومنتخباتنا مع كل المدربين لأن كرتنا متأخرة عن الركب العربي قبل الأفريقي والعالمي، ودورينا يختلف عن سائر دوريات العالم من حيث أنه الأسوأ ملاعبًا وإدارة وتنظيمًا وانتظامًا ولاعبين.
وأقول للذين عارضوا اختيار (بطاو): ماذا لو أن المنتخب فاز وحقق التأهل هل ستعترفون له بذلك؟
يا سادة إن مواجهات تونس وليبيا هي (ديربي) مغاربي لا ترتبط فيه النتائج مرات عديدة بالمستوى والتصنيف والإنجازات، ولو كان كذلك فشتان بيننا وبين هذا البلد الفقير أندية ومنتخبات ولاعبين وإنجازات.
ولذلك فإن خسارتنا مع تونس قد تحصل مع أي مدرب ولو كان (غوارديولا) والفوز قد يتحقق ولو مع أحد المدربين الذين نشاهدهم يعارضون إسناد المهمة لزميلهم بطاو رغم أنه أكثرهم تجربة مع الفرق الكبيرة وثقافة من خلال ما نسمعه من أحاديث، وماذا تعني الشهادة لمدرب ليست له قدرة على إيصال المعلومة للآخرين كلاعبين بالفرق أو مشاهدين للشاشات؟
هي تجربة إن نجحت فيا حبذا وإن فشلت فالفشل ليس أمرًا جديدًا وإن الاصلاح يحتاج إلى وقت وعمل وعوامل أخرى مهمة ما زالت غائبة.