مصطفى المكي.. جارنيشا الكرة الليبية صاحب القدم الذهبية

يصادف يوم الأربعاء الموافق للسابع من شهر أكتوبر الجاري، مرور ستة عشر عاما على رحيل نجم وهداف فريق الأهلي ببنغازى والمنتخب الليبي، الراحل الكبير مصطفى المكي، الذي رحل عن دنيانا الفانية فى مثل هذا اليوم السابع من شهر أكتوبر عام 200.

وتمر علينا هذه الذكرى لنستذكر المآثر الطيبة لفقيد الكرة الليبية الكبير، ونتوقف عند أبرز محطاته الكروية ونعيد إلى الأذهان شريط ذكرياته ونستعيد ما قدمه من عطاء بسخاء وتضحيات جمة، تاركا سيرة رياضية طويلة عطرة ناصعة زاخرة بالعطاء ستبقى منارة وقدوة لكل الأجيال الكروية.
 

ميلاد اسطورة

ولد مصطفى الشريف الشهير بالمكي عام 1931، بشارع جعفر القريب من الملعب البلدي ببنغازي  ومارس كرة القدم كغيره من أبناء جيله وأقرانه في الساحات والمدارس، ثم عرض عليه أحد أصدقائه الانضمام للفريق التابع لجمعية عمر المختار الوطنية، وهو فريق الكشاف، حيث شارك معه لأول مرة في موسم 47 – 48، وذاع صيته وشهرته أكثر عقب انتقاله في موسم 48  – 49 لفريق الأهلي، لتبدأ حكاية الشهرة والتألق  لأحد أبرز وأشهر من حملوا الغلالة التي تحمل رقم 7، وشغل مركز الجناح الأيمن وكان يمثل روح الفريق وقوته الهجومية الضاربة لقدرته الفائقة على إحراز الأهداف، رغم محاولات أقوى المدافعين الحد من خطورته وفاعليته وفرض الرقابة اللصيقة على تحركاته.

أسطورة زمانه

حظي المكي بإعجاب كل الجماهير الرياضية، وكان مثار اهتمامها وصانع سعادتها وبهجتها لامتلاكه كل مقومات المهاجم الناجح والهداف الذي أطرب الجماهير بأهدافه الحاسمة، ولطالما أسعدها في الكثير من المواعيد الكروية الكبيرة، وتغنت وهتفت باسمه كثيرًا وحملته على الأكتاف، وقاد خلالها فريقه للعديد من البطولات المحلية على كافة الواجهات، فكان له جمهوره الخاص الذي كان يتذوق ألعابه وأهدافه ويتفاعل معها فكان بحق أسطورة زمنه الكروي الجميل.

ظاهرة كروية فريدة

والراحل الكبير مصطفى المكي، هو هداف فريقه الأهلي ببنغازي الأول في سنوات الخمسينيات والستينيات وحتى اعتزاله عام 1969، وهو أحد أبرز مؤسسي ورموز ونجوم الأهلي، وعاصر ولادته منذ أول فريق في موسم 47 – 48، وكان مع النجم الكبير اتعولة يمثلان قمة شهرة كرة القدم ببنغازي، وشكل معه ظاهرة كروية فريدة من نوعها كانت ملء السمع والبصر وشغلت الجمهور الرياضي وقتا طويلا.

جارنيشا الكرة الليبية

قال عنه النجم الكبير عبد المتعال شتوان الشهير باتعولة، إن المكي يُعد من أخطر المهاجمين على المرمى ولديه قدرة فريدة وفائقة في كيفية تسجيل الأهداف وهو لاعب فد وأسطوري ويذكرني بأسطورة الكرة البرازيلية جارنيشا.

القدم الذهبية

ساهم الراحل الكبير مصطفى المكي، في شهرة وتفوق فريقه الأهلي ببنغازي والشعبية الجارفة التي كان – يتمتع بها منذ أواخر الأربعينيات وحتى أواخر الستينيات، وكان أحد أعمدته الأساسية وصناع الفارق له  في كل انتصاراته وبطولاته وصولاته وجولاته.
 
أطلقت عليه الصحافة الرياضية خلال سنوات الخمسينيات صاحب القدم الذهبية، لما تميز به من قوة التسديد وقدرة ومهارة فائقة في التهديف وإحراز الأهداف من أقل من نصف فرصة وكثيرا ما قلب تأخر فريقه لفوز وانتصار ثمين، وسط ذهول المدافعين الذين كانوا يشددون الرقابة اللصيقة عليه، وقد أحرز أصعب الأهداف على أبرز حراس المرمى أشهرها هدفه الشهير في شباك الهلال وحارسه العملاق إبراهيم المصري.

الهداف الأول

سجل المكي ظهوره الأول مع فريقه الأهلي في بطولة بنغازي الموسم 1949-1950 أمام فريق النهضة، والتي تفوق فيها فريق الأهلي بحصة كبيرة من الأهداف وصلت إلى سبعة أهداف، بينما كان آخر ظهور رسمي له مع فريقه الأهلي في بطولة المحافظات الشرقية للموسم  الرياضى 1967- 1968 امام فريق إتحاد درنة.
 
سجل أول أهدافه رسميا مع الأهلي في بطولة بنغازي في الموسم 1949 -1950 في مرمى فريق العمال، وهي المباراة التي أسفرت عن فوز الأهلي بأربعة أهداف لهدف، وسجل فيها ثنائية وكان هداف فريقه الأول في هذا الموسم، برصيد سبعة أهداف قادت فريقه للحصول على أول لقب في تاريخه
– وأحرز آخر أهدافه مع الأهلي في شباك فريق التحدي، في بطولة المحافظات الشرقية للموسم 1966 – 1967.

ألقاب وبطولات على كافة الواجهات

قاد فريق الأهلي للفوز ببطولة بنغازي لكرة القدم، في أربع مواسم خلال فترة الخمسينيات، منها موسمين متتاليين، كما قاد فريقه الأهلي للفوز والتتويج ببطولة برقة في أربع مواسم، والفوز ببطولة المحافظات الشرقية في مناسبة واحدة موسم 1967-1968 في آخر ظهور رسمي له. 

وصيف بطل الدوري الليبي لأول مرة 

قاد النجم الكبير فريقه الأهلي في أول ظهور رسمي في بطولة النسخة الأولى لبطولة الدوري الليبي لكرة القدم للموسم الرياضي 63 – 64، حيث قاد فريقه لنيل لقب بطولة كأس المحافظات الشرقية بدون خسارة ليتأهل فريقه لأول مرة لخوض أول نهائي على مستوى بطولة الدوري الليبي في نسخته الأولى، حيث قاد فريقه لبلوغ المباراة النهائية أمام الأهلي طرابلس ليكتفي فريقه بلقب وصيف بطل الموسم، كما شارك في أربع نسخ متتالية لبطولة الدوري الليبي لكرة القدم، وكان قائدا للفريق بقيادة المدرب الحاج عبد العال العقيلي، ورغم طلب المدرب الإنجليزي طمسون منه الاستمرار والبقاء بجانبه، بعد مجيئه واستلامه تدريب الأهلي عام 1967، للاستفادة من خبرته وسمعته القيادية إلا أنه قرر وضع حدا لمسيرته الكروية الطويلة.

هداف منتخب بنغازي الأول

اختير لمنتخبي بنغازي وبرقة منذ نهاية سنوات الأربعينيات، وكان نجمه وهدافه الأول، وشارك في الكثير من المباريات والبطولات الودية، حيث كان نجم وهداف فريقه الأول في كل المواعيد الكروية المحلية والدولية الودية، التي أحرز فيها أهداف حاسمة في شباك أقوى الفرق والمنتخبات أبرزها في شباك المنتخب الجزائري والحمرون المالطي والجيش البريطاني وفنشلي الإنجليزي، كما أحرز أهداف كثيرة مع منتخب بنغازي، أشهرها في شباك الجيش البريطاني ومنتخب النمسا والجزائر.

أول هدف وأول ظهور دولي

ويعد الراحل مصطفى المكي النجم الليبي الوحيد الذي سجل حضوره وتواجده في ثلاث دورات عربية متتالية، حيث اختير  للمنتخب الليبي في بداية تكوينه وتشكيله وظهوره الأول، في الدورة الرياضية العربية الأولى بالاسكندرية عام 1953ـ بقيادة المدربين مسعود الزنتوتي واتعولة شتوان، وحظي بشرف إحراز وتسجيل أول هدف في تاريخ المنتخب الليبي، وقص شريط أهداف منتخبنا، في المباراة الودية التي جمعت منتخبنا الوطني مع منتخب السلاح البحري المصري العسكري، في المباراة الودية التحضيرية التي أقيمت قبل ثلاثة أيام من انطلاق وبداية الدورة، والتي أقيمت بالإسكندرية، وأسفرت عن فوز منتخبنا الوطني بهدفين لهدف  حيث احرز المكى هدف الافتتاح فيما سجل محمد اليمنى الهدف الثانى  -غير أنه لم يشارك في مباريات البطولة الرسمية عقب إصابته بوعكة صحية حرمت منتخبنا الوطنى من جهوده وخبرته.

 
ثلاث دورات عربية متتالية

ثم عاد النجم الكبير مصطفى المكي للظهور مع منتخبنا الوطني – في مباريات الدورة الرياضية العربية الثانية عام 1957 فى العاصمة اللبنانية بيروت، بقيادة مدربه السابق في الأهلي سالم بالطيب الوحيشي – وخاض أولى مباريات الدولية الرسمية، مع المنتخب أمام منتخب تونس كما شارك في باقي المباريات التي خاضها منتخبنا في هده البطولة أمام منتخبي المغرب والعراق.

ثم سجل ظهوره مع منتخبنا الوطني للمرة الثالثة تواليا، على الواجهة العربية في منافسات الدورة الرياضية العربية الثالثة عام 1961 بالدار البيضاء بقيادة المدرب الإنجليزي جيمس بينغهام، وهو أول مدرب اجنبى يتولى تدريب منتخبنا الوطنى -حيث سجل خلال هذه البطوله اولى اهدافه الدولية رسميا  مع منتخبنا الوطنى وهو هدف الفوز الثالث فى شباك منتخب لبنان في المباراة التي اسفرت عن فوز منتخبنا الوطنى بثلاثة اهداف لهدفين  كما شارك فى جميع مباريات منتخبنا فى هذه البطولة امام منتخبات السعودية ومصر والكويت والمغرب  وساهم فى قيادة منتخبنا لااحراز المرتبة الثالثة عربيا ونيل القلادة البرونزية.

مهرجان اعتزال وتكريم

أقيمت له مباراة إعتزال ومهرجان تكريم كبير برفقة زميله لاعب الأهلي أمحمد الشريف أمام فريق الهلال عام   بملعب 24 ديسمبر بالبركة فى السابع من شهر يناير عام 1969 -واسفرت المباراة عن فوز الاهلى بثلاثة اهداف لصفر ويومها ذرف النجم الكبير الدموع حزنا لاانه فارق وودع معشوقته كرة القدم التى ارتبط بها على مدى اكثر من 20  عاما وودع غلالة فريقه الاهلى الدى حقق معه البطولات  وعاش معه ازهى سنوات عمره  كما تم الاحتفال بتكريمه للمرة الثانية بعد مرور قرابة 29 عاما من موعد اعتزاله  وتولى تنفيذ ضربة البداية فى المباراة الودية التى جمعت الاهلى وضيفه فريق الاتحاد بملعب بنغازى فى الرابع من شهر يناير عام 1999 واستعاد ذكرياته مع الكرة والاهلى بعد غياب طويل والتقط صور تذكارية مع ابناءه من لاعبى الاهلى وسط اجواء احتفالية رائعة.
 
تأبين المكي
 
خلال فترة توقف نشاط النادى الأهلي، عقب هدم مقره التاريخي — تزامن مرور دكرى رحيله السنوية مع غياب نشاط المؤسسة العريقة وأذكر أننى تواصلت مع -شركة ابولونيا السياحية، بشان اقامة يوم تأبيني له فمن غير المعقول أن تمر علينا ذكراه دون أن نتوقف عندها فاقمنا له يوما تأبينا تكريميا بقاعة جمعية الدعوة الإسلامية بنغازي، شارك فيه العديد من أبناء الأهلي والأسرة الرياضية من مختلف الأجيال، وصدر عدد خاص تذكاري من صحيفة رياضية ورقية بالمناسبة، تتضمن مسيرته بالصور وتشرفت بتقديم هذا اليوم التكريمى الكبير.