نجوم أبدعوا في مجالي الفن والرياضة.. المذبل أول فنان يتوج ببطولة الدوري الليبى
الفن والرياضة وجهان لعملة واحدة، عنوانها الإبداع لا يمكن أن يتجزأ كل منهما عن الآخر، ومن هدا المنطلق أبدع وتميز الكثير من نجوم الرياضة والكرة في المجال الفني، وسرعان ما توجهت إليهم الأنظار بإعجاب في المجالين رغم صعوبتهما، إلا أن هناك العديد من نجوم الرياضة والفن كانوا حالة خاصة ومتفردة وفريدة من نوعها وتألقوا في عالم الكرة والفن والإبداع اللذين يعدان من أكثر المجالات شعبية.
سلام قدرى
كان الفنان الراحل سلام قدري من أوائل نجوم الفن والطرب والغناء الذين تألقوا في المجالين، وهو أول من فتح الباب ومهد الطريق أمام مبدعي المجالين، حيث بدأ سلام قدري لاعبا بملاعب كرة القدم منذ أواخر الخمسينيات واستمرت مسيرته الكروية حتى عام 1963، حيث برز مع نجوم وعمالقة فريق الاتحاد وقتها أمثال عبدالسلام كريم ومحمود بزيو وونيس حبيب الله وعلي الزنتوتي وعلي الزقوزي وبدر الدين المحجوب ومحمد الخمسي وأحمد ورجب الأحول غير أنه وضع حدًا لمسيرته الرياضية مبكرًا ليتفرغ لمجاله الفني الذي أبدع فيه ونال شهرة واسعة فاقت شهرته كلاعب.
نجوم الفن في ملاعب الرياضة
وثمة آخرين من أهل الفن الذين جربوا حظهم في ملاعب الرياضة ومنافساتها خلال فترات الستينيات وأوئل السبعينيات وربطتهم علاقة وطيدة بالرياضة وأنديتها، غير أن تجربتهم لم تدم وتستمر طويلا ليأخذهم عشقهم لعالم الفن بعيدًا عن ملاعب الكرة والأندية، ليتفرغوا في الإبداع في مجال الفن والغناء الذي حققوا خلاله شهرة واسعة نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر، الفنان الكبير محمد حسن الذي مثل التحدي في النشاط الثقافي برفقة زميله الفنان سيف النصر، والفنان سالم بن زابيه الذي مثل ناديه الأفريقى بدرنة في الأنشطة الفنية والثقافية.
والفنان محمد مختار الذي مارس رياضة الملاكمة بنادى التحدي، والفنان أحمد سامي الذي لعب للمدينة، ومحمد السليني الذي كان لاعبا بارزا في رياضة البلياردو بنادي بلخير بطرابلس، والفنان إبراهيم فهمي الذي لعب لفريق النجمة والفنان وحيد سالم الذي لعب للتحدي والفنان ناصر المزداوي مع فريق الوحدة، والفنان محمد الجزيري شقيق سلام قدري الذي كان حارسا لمرمى المدينة، ومن الجيل الأخير نذكر الفنان حسين جيلاني أو الشاب جيلاني الذي لعب لفريق الاتحاد وتدرج حتى وصل فئة الأواسط وهو من جيل اللاعب محمد الصناني والحمروني.
غير أن هناك قلة من نجوم الكرة والفن الذين نجحوا وجمعوا بين النجاح والبروز في المجالين وتوجوه بحصاد ولقب على مستوى بطولة الدوري الليبي.
أول لقب للمذبل
حاز على سبق التتويج بالألقاب الشاعر الغنائي الكبير الراحل فرج المذبل، الذي عانق لقب بطولة الدوري الليبي مع فريق الأهلي بنغازي لأول مرة في الموسم الرياضي 69 – 70.
ثلاثة ألقاب لحقيق
يليه الراحل الفنان عبدالمجيد حقيق الذي توج بثلاث بطولات على مستوى الدوري الليبي خلال مواسم السبعينات منها بطولتين متتاليتين مع فريقه الأهلي طرابلس، وكان الأكثر نجاحًا واستمرارًا بملاعب الكرة، وشارك مع فريقه الأهلي طرابلس في أول ظهور له في بطولات الأندية الأفريقية عام 1972، وساهم في تحقيق انتصاره الأفريقي الأول على حساب الإسماعيلي المصري حيث برز مع جيل الهاشمي البهلول وحسن السنوسي وعلي الأسود وعبدالباري الشركسي وخليفة بونوارة وبوغالية.
مسيرة زاخرة للمذبل
نجم الكرة فرج المذبل الذي ودع دنيانا الفانية خلال الأيام القريبة الماضية هو أحد الرموز والنجوم القلائل الذين جمعوا بين النجاح في مسيرتهم الكروية والفنية والإبداعية وتركوا بصمة كبيرة في المجالين بعد مسيرة طويلة زاخرة بالعطاء.
البداية من ملاعب الكرة
النجم الراحل الكبير فرج السنوسي المذبل، من مواليد مدينة درنة عام 1943م، بدأ مسيرته الكروية لاعبا في مطلع الستينيات حيث كان يداعب الكرة بكل براعة ورشاقة برفقة نجم فريق الهلال السابق محمد الماقني على شواطيء بحر الشابي بمدينة بنغازي رفقة العديد من أقرانه، ليلتحق بعدها بأشبال الأهلي بنغازي بقيادة المدرب عبدالعال العقيلي، ثم انتقل إلى صفوف فريق الهلال وألتحق بصفوف الفريق الأول عام 1964 بقيادة المدرب الجزائري الإبراهيمي السعيدي، وشارك معه في عدد من المباريات الودية أمام فريقي الاتحاد بطرابلس وأمام فريق أبولون اليوناني مع جيل الهلال الذهبي بقيادة الدولي علي الشعالية وديمس الكبير ومحجوب بوكر والماقني وعمر العرفي وفرج بالة.
أول لاعب ليبى محترف
ليتحول بعدها المذبل لفريق النجمة بقيادة المدرب اليوغسلافي بافلي بعد تلقيه عرضا ماديا مغريا وقتها من إدارة نادي النجمة ليلعب ويعامل كلاعب محترف لأول مرة فى زمن الهواية وقتها إلى جانب المدافع حلمي سليمان القادم من الزمالك المصري، وخاض أولى مبارياته مع فريق النجمة أمام فريق طبرق وأحرز أول ثنائية له في هذه المباراة وشكل ثنائي رائع مع نجم الفريق حسن الفرجاني، حيث قدم ثلاثة مواسم رائعة قضاها مع فريق النجمة وبرز مع جيل الحارس العملاق إبراهيم المصري وبوبكر شميسة وحسن الفرجاني وفتحي الساحلي وعوض مخلوف وجمعة رجب وجيجي.
عرض مغر ثان من الأهلى بنغازي
لفت تألق “المذبل” الكبير أنظار إدارة النادى الأهلي بنغازي ليتلقى عرضا مغريا ثانيا وبعقد مادي تجاوزت قيمته وقتها 400 دينار، بناء على توصية من المدرب الإنجليزي طمسون الذي أبدى إعجابه بقدرات اللاعب الفنية وسجل ظهوره الأول مع فريق الأهلي بنغازي في دوري المملكة وهو دوري ليبيا العام الذي حل فيه فريقه الأهلي بنغازي لنيل لقب وصيف بطل الموسم، ثم نجح في ثاني موسم له مع الأهلي بنغازي في التتويج لأول مرة ببطولة الدوري الليبي للموسم الرياضي 69 – 70 بقيادة المدرب المصري الراحل عبده صالح الوحش، في موسم شهد تألق كبير للمذبل الذي أحرز 9 أهداف في موسم البطولة الأولى للأهلي بنغازي أبرزها في شباك كل من دارنس والأهلي طرابلس، وشكل مع الأهلي بنغازي ثلاثي هجومي بارع ضم كل من بن صويد والحشاني والمذبل.
ظهور مغاربي
كما شارك المذبل مع فريقه الأهلي بنغازي في بطولة أندية المغرب العربي عام 1969 بالمغرب التي استعان فيها الأهلى بالثنائي ديمس الصغير قادمًا من الهلال والهاشمي البهلول قادمًا من الأهلي طرابلس، حيث شارك في مباراتي فريقه الأهلي بنغازي في هذه البطولة أمام كل من الاتحاد الإسلامي الجزائري والأفريقي التونسي، كما برز مع الأهلي في عدد من مبارياته الودية أمام الزمالك والأهلي المصري، وتألق المذبل مع نجوم الأهلي في عصره الذهبي أمثال أحمد بن صويد وعبدالجليل الحشاني وعلي أبوعود وبن حامد والخطيطي وعزالدين الترهوني.
أول ظهور مع المنتخب
أختير المذبل لأول مرة للمنتخب الليبي في أول ظهور وتواجد رسمي له ضمن تصفيات كأس العالم في مباراته أمام المنتخب الأثيوبي، لكنه لم يشارك حيث لعب لمنتخب بنغازي ومنتخب المنطقة الشرقية العديد من المباريات الودية الدولية بقيادة المدرب الجزائري الإبراهيمي السعيد حيث لعب مع جيل بن صويد ويوسف صدقى والباح وعزالدين الترهونى والكليلى والخطيطى.
التفرغ لمجال الفن
انتقل المذبل بعدها لفريق التحدي الذي كان محطته الكروية الرابعة والأخيرة ليعتزل بعدها ملاعب كرة القدم مبكرًا عام 1970، وبعد تردد وصراع مع نفسه، كما يقول فى اتخاذ هذا القرار الصعب بين عشقه لكرة القدم واستمراره بملاعبها وبين حاجة الإذاعة والتلفزيون الليبي له كشاعر غنائي ومخرج للبرامج ليتخذ القرار الصعب بالابتعاد نهائيًا عن ملاعب الكرة والتفرغ للعمل الإعلامي الإبداعي الذي لطالما تألق فيه وتميز وأختلف عن الآخرين وكانت له فيه بصمة متفردة.
نجم الإخراج التلفزيوني
أخرج المذبل أول مباراة تلفزيونية له وكانت مباراة ودية جمعت فريق الأهلي بنغازي والأهلي المصري، واستفاد بشكل كبير من كونه لاعب كرة قدم حيث تميز فى عالم الإخراج عندما قام بإخراج جميع مباريات المجموعة الثانية لمنتخبات بطولة أمم أفريقيا لكرة القدم عام 1982 بملعب بنغازي الدولي في تجربة فريدة من نوعها، وكانت نقلة في عالم الإخراج المرئي.
كما ابتكر طرقًا جديدة في التصوير والإخراج لمباريات كرة السلة والطائرة عبر شاشة قناة ليبيا الرياضية وأخرج الكثير من المباريات والبرامج الرياضية والمنوعات والسهرات والحفلات.
نجم الكلمة المغناه
تألق في عالم الكلمة الغنائية والشعر حيث حباه المولى عز وجل بموهبة الشعر كشاعر غنائي رقيق مرهف الإحساس يجيد انتقاء واختيار كلماته الرشيقة والأنيقة وقدم أعمال غنائية لكبار المطرين من ليبيا ومختلف البلدان العربية لاقت صدا كبيرا ولازالت تتردد حتى يومنا هذا.
كما مارس العمل الصحفي وكتب بالعديد من صحفنا المحلية منذ أواخر الستينيات في المجال الفني والثقافي والرياضي وصدرت له عدة دواوين أشهرها ديوان حلو العتاب ويا صاحبي وهز الشوق.
تعازي ورسائل مواساة
ازدحمت صفحات ومواقع التواصل الاجتماعي بعبارات الوداع والمواساة المؤثرة لفقيد الرياضة والفن والإبداع حيث نعاه الكثير من نجوم الكرة والإعلاميين والفنانين والمثقفين من داخل وخارج الوطن كل بطريقته الخاصة ونشروا أخر ما كتب الفقيد واستعادوا ذكرياتهم مع النجم الراحل في شتى مجالات الإبداع المختلفة.