هل جنت كرة القدم على نفسها بعدما تسببت في انتشار “كورونا” بالقارة العجوز؟
كرة القدم اللعبة الجماهيرية الأولى في العالم لم تعد كما كانت بعدما ضربها فيروس كورونا المستجد “كوفيد 19” وسجل في شباكها هدفا قاتلا جعلها تتوقف عن الدوران وحرم عشاقها ومحبيها من مشاهدة نجومهم المفضلين.
تحولت ملاعب كرة القدم إلى مخازن للمعدات الطبية ومدرجات تفتقد نبض المشجعين ولاعبون يخضعون لحجر صحي إجباري في منازلهم خوفا من إصابتهم بالعدوى أو أن يكونوا هم مصدر تفشي المرض حال إصابتهم بالفيروس.
ولكن هل كورونا هو السبب الوحيد في إيقاف جميع الدوريات والمسابقات حول العالم تقريبا أم أن كرة القدم جنت على نفسها وخاصة في أوروبا؟!
في الـ19 من فبراير الماضي احتفل أتالانتا الإيطالي بحضور 40 ألف مشجع بفوز عريض 4/ 1 على حساب فالنسيا في ذهاب دور الـ16 من دوري أبطال أوروبا وتأهل أتالانتا لربع نهائي دوري الأبطال بعدما كرر فوزه في إسبانيا 4 /3، ولكن بعد نحو أكثر من شهر ظهرت روايات مرعبة بشأن المباراة التي نشرت المرض في كل أنحاء إيطاليا بل وحتى إسبانيا
قنبلة بيولوجية
جيورجيو جوري، عمدة مدينة بيرجامو، معقل نادي أتالانتا، وصف المباراة بـ”القنبلة البيولوجية”. وقال، في تصريحات نقلتها وسائل الإعلام الإيطالية والعالمية :”في وقتها لم نعرف ماذا يحدث. أول مريض تم تسجيله في إيطاليا كان يوم 23 فبراير، وإذا كان الفيروس ينتقل في وقت المباراة يوم 19 من الشهر ذاته فمن الممكن أن يكون قد أصيب 40000 شخص في هذه الليلة فقط. الكثيرون شاهدوا المباراة معا”.
كما نقلت صحيفة “كورييري ديللو سبورت” الإيطالية، عن الطبيب فابيانو دي ماركو، مدير أمراض الرئة في مستشفى بابا جيوفاني قوله، إن “مباراة أتالانتا وفالنسيا في سان سيرو كانت قنبلة بيولوجية، خصوصًا أنها كانت بحضور أكثر من 40 ألف شخص من مدينة بيرجامو”.
وأكد أن “تنقل هؤلاء المشجعين بالحافلات والسيارات والقطارات أدى إلى سرعة تفشي الوباء على النحو الذي تشهده البلاد اليوم”. وذكرت إذاعة “كادينا سير” الإيطالية أن هذه المباراة تسببت بوفاة حوالي 500 شخص بسبب إصابتهم بفيروس كورونا.
وأضافت أن تلك المباراة كانت السبب في المأساة التي يعيشها سكان إقليم لومبارديا في شمال إيطاليا. وأشارت إلى أن المباراة تسببت كذلك في إصابة أكثر من ثلث لاعبي فالنسيا وعدد كبير من جماهيره.
انتشار الفيروس
بدوره، قال الأرجنتيني أليخاندرو جوميز، نجم فريق أتالانتا لصحيفة “أوليه” الأرجنتينية، إن تلك المواجهة كانت سببًا رئيسيًا في فاجعة بيرجامو، وسط الأجواء الحاشدة التي شهدتها المدينة في تلك الليلة.
وأضاف جوميز أن انتقال ما يقرب من 40 ألف شخص من بيرجامو إلى ميلانو، وما شهدته المواجهة من أجواء حماسية واحتفالات، وكذلك تناول الوجبات والمشروبات بشكل جماعي قبل اللقاء تسبب في انتشار الفيروس بشكل كبير.
يشار إلى إن إيطاليا أصبحت أكثر دول العالم تضررا بالفيروس من حيث عدد الوفيات الذي يقترب من 11 ألف حالة وأكثر من 96 ألف إصابة، في كارثة إنسانية. وعلى نفس الخطى تسير إسبانيا، التي سجلت نحو 7 آلاف وفاة وما يقرب من 78 ألف إصابة.
متهم أخر
لم تكن مواجهة أتالانتا وفالنسيا هي المتهم الوحيد في هذه المأساة التي تعيشها أوروبا بل هناك مباراة أخرى هي ليفربول الإنجليزي وأتليتكو مدريد الإسباني على ملعب الأنفيلد في إياب ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا.
كارلو أنشيلوتي، المدير الفني لنادي إيفرتون الإنجليزي، أكد أن مدرب ليفربول، يورجن كلوب، رأى أن لعب مواجهة أتلتيكو مدريد كان جريمة. وكان كلوب قد قال إن بداية انتشار فيروس كورونا وقتها لعب دورًا سلبيًا في استعداد الريدز لمباراة الروخي بلانكوس.
جريمة
وقال أنشيلوتي في تصريحات لصحيفة “كورييري ديللو سبورت” الإيطالية: “تحدثت مع كلوب منذ أيام، وأخبرني أنّ قرار خوض إياب ثمن النهائي ضد أتلتيكو مدريد كان جريمة، وأعتقد أنّه على صواب”. وتابع: “نحن نعيش فترة من حياتنا لم نعتدها من قبل، وسوف تترك بصمتها علينا مدى الحياة”.
خوض المباراة جاء عقب انتشار فيروس كورونا في بريطانيا، وهو ما تسبب في تجميد النشاط الرياضي بالكامل في الأراضي الإنجليزية بعد ساعات من تلك المواجهة التي شاهدها 55 ألف متفرج.
وتجاوز عدد الوفيات في بريطانيا التي تفرض إغلاقا تاما منذ أسبوع، حاجز الألف فيما يقترب عدد الإصابات من 20 ألف. وتعد أوروبا القارة الأكثر تأثرا بالوباء بعدما سجلت نحو 400 ألف إصابة وأكثر من 20 ألف وفاة.