واقع رياضتنا المرير.. وحيلة الوزير
في العقود الماضية تعرضت الرياضة في بلادنا لتجاهل الدولة لها، بل ومحاربتها بطرق مباشرة وغير مباشرة علي اعتبار أنها رياضة تقليدية ولا تتماشى مع الرياضة الجماهيرية ومقولاتها غير الواقعية، وقدموا بديلاً عنها الألعاب الشعبية وهي تخطي الجرد والهوكي وكر الحبل ويا عشرة جاك عشرين وغيرها، وشكلوا لها اتحاداً عاماً وأخرى فرعية وصدرت اللوائح المنظمة وتم تأهيل حكامها وإقامة منافساتها في عدة مدن، وقيل إن هذه رياضتنا الحقيقية تاريخياً ويجب أن ننشرها ونبشر بها شعوب العالم، بالإضافة إلى عدم تقديم أي دعم للأندية والاتحادات الرياضية وتوقفت المشاركات الخارجية وتحولت أسماء الأندية إلى مراكز تدريب، وتم منح تراخيص للملتقيات الجديدة، وكذلك حدث ما لم يكن في الحسبان وهو ضرورة مزاولة اللاعب اللعب مع النادي الواقع في نطاق سكنه أيْ في مؤتمره الشعبي، كذلك عدم ذكر أسماء اللاعبين عند نقل المباريات بل الاكتفاء بذكر أرقام غلالاتهم، وتكليف عدد من الضباط الأحرار وقيادات اللجان الثورية برئاسة الأندية الكبيرة، وحدث كل ذلك خوفاً من انتفاضة جماهيرها الرياضية، ولو أردنا أن نسرد ما تعرضت له رياضتنا المسكينة لاحتجنا إلى الكثير من الكلمات، لكن عموماً نورد هذه الحكاية وما حدث مع أحد الذين تولوا وزارة الشباب والرياضة في تلك الأيام، حيث قام بزيارته مجموعة من شباب أحد أندية المنطقة الشرقية في مكتبه وبعد الاستقبال والحفاوة طلبوا منه مساعدتهم مادياً من أجل النهوض بالنشاطات الرياضية من خلال النادي في منطقتهم، وبينوا له كل الصعاب التي تحول دون الاستمرار في نشاطات العمل التطوعي، وفعلاً تجاوب معهم وشكرهم على جهودهم التطوعية ووعدهم خيراً بالوقوف معهم، وطلب منهم الحضور في اليوم التالي وخرجوا من عنده تغمرهم الفرحة على اعتبار أن معاناتهم ستنتهي، وظلوا يتناقشون عن كيفية الحل لمشاكلهم هل ستكون بالدعم المادي المباشر أو بتوفير الاحتياجات عن طريق وزارة الشباب والرياضة، وفي النهاية اتفقوا على أن المهم أن تحل مشاكل ناديهم المادية بأي طريقة يراها المسؤول الأول عن الشباب والرياضة، وفي اليوم التالي استيقظوا مبكراً واستعدوا للقاء وفعلاً وصلوا في الموعد ووجدوا حضرة الوزير كما وعدهم بانتظارهم، وبعد سيل من الكلمات التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع قدّم لهم صورة كبيرة للقائد في برواز من الزجاج وقال لهم هذه هديتي لكم ضعوها في النادي، وسيأتيكم كل خير وتحل مشاكلكم، ولم يستطيعوا رفض ما تم تقديمه لهم حتى لا يتهموا سياسياً بأنهم من المعادين للفاتح وتحملوا الصدمة وضغطوا على أنفسهم وتم تأجير عربة نقل لحملها مسافة بعيدة لمقر ناديهم، لأن الوزير تعهد بزيارتهم في النادي ليرى الصورة والخير الذي ستجلبه، وفعلاً وُضعت الصورة في النادي ولم يرَ النادي إلا السيئ والأسوأ ولم يزرهم الوزير أصلاً، وبعد هذه الحادثة لم يعد يزور الوزير أحد من الأندية طالباً الدعم، خوفاً من تكرار نفس مسلسل الصورة معهم، ولك أن تتصور أخي الكريم كيف كانت تعالج قضايا شباب الأندية الرياضية في بلد دخله من النفط والغاز مليارات الدولارات التي ذهبت أدراج الرياح، وحتى لا نظلم أحداً فقد تفاءلنا كثيراً بتحقيق طموحات الشباب عقب ثورة فبراير لكن مع توالي الوزارات لم يُقدّم للرياضة ولشبابها أي شيء يُذكر، والكل يسعى لتحقيق مصالحه الشخصية إلا من رحم ربي، فلا منشآت رياضية ولا برامج تربوية لملء فراغ الشباب ولا تطوير لمفهوم الرياضة في المؤسسات الرياضية، وفي النهاية نأمل أن يكون المستقبل أفضل للشباب والوطن الذي اعتبره الكثيرون للأسف مجرد غنيمة عند توليهم المسؤولية.