الرياضة الليبية

صالح بوسيف.. من رمال شاطئ المنارة إلى فلورنسا

قد يكون الليبي الأول الذي يحترف لعب كرة القدم في الدوري الإيطالي، سافر إلى إيطاليا بعد إتمامه الثانوية العامة، ليدرس الفنون الجميلة بفلورنسا عام 1970، وقتها كان شابًا يافعًا يضج بالأحلام والاندفاع، متكئًا على خلفية تعليمية جيدة، وعشقه لكرة القدم جعل منه حارس شباك نادي طبرق (الصقور حاليا) 1964 – 1969.

لعب أكثر من 60 مباراة مع نادي طبرق في الدرجة الأولى حينها، وشارك حراسة منتخب ليبيا للمنطقة الشرقية عام 1968، ولعب مباراة ودية أمام الإسماعيلي، وانتهت بالتعادل الإيجابي هدفًا لهدف، في زمن الجيل الذهبي للإسماعيلي، شحتة وأبو جريشة.

صالح بوسيف محمد  لعب في الدوري الإيطالي لفريق قوليبا برسم الدرجة الرابعة، ثم انتقل إلى سيينا في نفس الدرجة، وتلقى عرضًا من أحد أندية الدرجة الثانية ميسساكرارا، غير أن أولويات الدراسة جعلت صالح يطوي صفحة ناصعة في كنف الدوري الإيطالي، ويؤثر مواصلة دراسته ورسوماته.

لقس[

 
صالح بوسيف.. هكذا نناديه يقضي معظم أوقاته الآن في الاهتمام بنظافة شاطئ المنارة في طبرق، صحبة بعض رواد المكان لسنوات دأب على ذلك التقيته وأدلينا بأرجلنا في مياه البحر، وتجاذبنا أطراف الحديث عن تجربته في إيطاليا، وكيف يقيمها الآن بعد مرور 4 عقود.

يقف بلباس البحر وقبعته البيضاء ونظارته السوداء من ماركة ديور، ويتحدث عن طموحه الذي وأده بنفسه في أن يكون أحد مشاهير الكرة العالمية آنذاك، لو وافق جاره الإيطالي على الانتقال إلى ميسسا كرارا، الذي شاءت الصدف أن يصعد في نفس الموسم إلى الدوري الممتاز، لقد قرأت الحسرة في عينيه، وحاولت أن أخفف عنه بالقول إنها مشيئة الله.

أجاد صالح بوسيف اللغة الإيطالية، وكون علاقات وطيدة بالإيطاليين وأحبهم كثيرًا، لأنهم بحسب وصفه شعب حميمي، وأحبه جمهور الكرة الإيطالية ووصفوه باللاعب الغيور. 

الطريف أن صالح بوسيف، بدأ في أحد الأندية الإيطالية باللعب في مركز الهجوم، وسجل طوال فترة بقاءه في ملاعب إيطاليا 7 أهداف، فنصحه بعض أصدقاءه الإيطاليين بالتحول إلى اللعب كحارس مرمى لأنه يجيد هذا المركز بإتقان فلبى رغبتهم فكان متألقًا في أغلب المباريات التي لعبها.

وانتهت مسيرته مع الكرة الإيطالية عام 1979، وعاد إلى ليبيا مدرسًا لمادة الرسم، ولم يزاول لعبة الكرة إلا كمدرب للحراس بنادي الصقور والفئات السنية، وبعض الأندية الأخرى التي طلبته للتدريب.

تكشف لنا هذه الرحلة أن ما على الإنسان إلا أن يسعى من أجل هدفه، وإذا لم يتحقق الهدف فقد كسبت شرف المحاولة، كسب صالح احترام الإيطاليين وترك بصماته هناك عن ليبيا وأهلها، وصبرهم ومثابرتهم وكفاحهم المستميت من أجل تحقيق نجاح معنوي، ولا ننسى أن الهدف الذي سافر من أجله صالح بوسيف، وهو شهادة البكالورويوس، قد أنجزه بكل براعة وجد، أما كرة القدم فبقت ذكريات من ماضٍ جميل.

لابرئ

لقد توفرت لـ”صالح” كل سبل النجاح بالدوري الإيطالي، من تأقلم مع البيئة ولغة وممارسة اللعب في الأجواء الأوربية، إلا أن التوفيق لم يحالفه في أن يصبح نجمًا يشار إليه بالبنان، وليس هو فقط من العرب من صادفه حظ عاثر في طريقه، إلا أنه كان يسبق الكثيرين منهم في فترة كان الدوري الإيطالي لا يسمح بإشراك أكثر من لاعبين أجنبيين، بحسب ما قاله لي صالح بوسيف.
 

زر الذهاب إلى الأعلى